تورط مختبرات أدوية في الغش والتلاعبات المالية

مجلس المنافسة يكشف التملص الضريبي لفروع مختبرات عالمية والتحايل لتحويل الأرباح إلى الشركات الأم

كشفت أبحاث حول نشاط فروع مختبرات عالمية للأدوية مستقرة في المغرب مجموعة من التجاوزات، من بينها، التهرب الضريبي، وتحويل أرباح بطرق ملتوية إلى الخارج، والتلاعب في المحاسبة المالية.
وفضح هذه التجاوزات تقرير الدراسة التي أنجزها أخيرا مكتب «سيس كونسولتن » (SIS-consultants)، حول قطاع صناعة الأدوية بالمغرب لفائدة مجلس المنافسة.
وفي التفاصيل أكدت الدراسة أن بعض النتائج المالية لشركات أدوية بالمغرب تابعة لشركات متعددة الجنسيات، لا تتطابق مع أرقام المعاملات المنجزة في المغرب، وتتنافى أيضا مع حصص السوق المرتفعة التي تملكها هذه الشركات في سوق الأدوية بالمغرب.
وسجلت الأبحاث التي استند عليها معدو الدراسة أن هناك إمكانية أن تعد الشركة الأم فواتير المواد الأولية أو المنتوجات النهائية، التي توجه نحو الشركة الفرع بالمغرب، بأسعار أعلى بكثير من السعر العادي لهذه المنتوجات، ما يسمح لها بإعادة أرباح فرعها لفائدتها، كما تمكن الفرع من أداء ضرائب أقل من خلال تضخيم التكاليف عبر فواتير مبالغ في قيمها الحقيقية.
ويشير التقرير إلى ممارسات أخرى، استنادا إلى تصريحات إطار سام في أحد المختبرات الرائدة في السوق الوطنية، تستعمل لإعادة الأرباح والتمكن من التهرب الضريبي بطرق ذكية، إذ تطلب الشركة الأم من الشركة الفرعية المحلية أن تمدها بتوقعاتها عن حجم مبيعات الأدوية السنوي، وفي المرحلة الثانية تطلب الشركة الأم من فرعها الزيادة بنسبة كبيرة في توقعات مبيعاتها السنوية، بالنسبة إلى منتج معين، وبذلك فإن هذه التوقعات ستفوق حجم البيع الحقيقي بكثير، لكن رغم ذلك فإن الفرع يوجه طلبه إلى الشركة الأم ويسدد بالفعل قيمة فاتورة الصفقة، وبالمقابل ترسل الشركة الأم كمية الأدوية المطلوبة، لكن هذه الكمية تتوزع إلى قسمين، قسم يستجيب لتوقعات حجم البيع السنوي الواقعي للدواء موضوع الطلب، في حين أن الجزء الثاني يتكون من الدواء نفسه، مع فارق أن تاريخ انتهاء صلاحيته يكون قريبا جدا. وهذه الدفعة الثانية، المؤدى ثمنها، تستقبل وتخزن ليتم إتلافها بعد بضعة أشهر عن طريق الحرق بناء على مساطر خاصة، إذ أن وزارة الصحة تخبر بمسطرة الإتلاف، وتتمكن الشركة الفرع، بعد ذلك، من اقتطاع قيمة الأدوية التي أتلفت، من النتائج المالية السنوية.
ويستعرض التقرير مجموعة من الأمثلة، التي توضح بعض الحالات التي تتنافى فيها النتائج المالية لشركة معينة مع حصتها في السوق.

أظهر تحليل معدي الدراسة لنتائج السنوات المالية ما بين 2007 و2008، عددا من الاختلالات، من أبرزها أن نتائج ثلاثة فروع محلية لشركات متعددة الجنسية منخفضة بشكل غير طبيعي، إذ لم تتعد 1.7 مليون درهم بالنسبة إلى "فايزر"، و5.5 ملايين درهم بالنسبة إلى شركة "توفارتيس"، و6.5 ملايين درهم لشركة "سانوفي افنتيس"، الرائدة في المجال، وتراوحت معدلات العائد المالي لهذه الشركات ما بين 1 في المائة بالنسبة إلى "فايزر" و 3 في المائة بالنسبة إلى "سانوفي افنتيس" و7 في المائة إلى "توفارتيس"، وسجلت "باير فارما" نتائج سلبية، إذ تشير حساباتها المالية إلى خسارة بما يعادل 39.1 مليون درهم، خلال 2007، و13.3 مليون درهم خلال 2008.
بالمقابل كانت النتائج المالية للشركات الوطنية مخالفة تماما، إذ أظهرت بياناتها المالية نتائج أهم تتراوح بين 12.5 و94.5 مليون درهم، في حين أن معدلات العائد المالي تتراوح بين 12 و29 في المائة.
وخلص معدو الدراسة إلى أن البيانات المالية لشركات "فايزر"، و"سانوفي افنتيس"، و"توفارتيس"، "باير فارما"، تتنافى كليا مع مكانة هذه الشركات في السوق الصيدلي بالمغرب والموارد المالية التي تعبئها لترويج أدويتها، علما أن "سانوفي افنتيس"، تعتبر الرائدة في السوق من حيث رقم المعاملات، في حين تحتل "فايزر" الرتبة الثامنة، و"نوفارتيس" الرتبة الثانية عشرة، تليها "بايير المغرب"، التي تحتل الرتبة الثالثة عشرة.

عبد الواحد كنفاوي
الخميس, 10 نوفمبر 2011 17:03